Site icon كويت لايف

رفع دعم الكهرباء و البنزين تحت الدراسة، هل سيفقد الدينار قيمته؟

رفع دعم الكهرباء و البنزين تحت الدراسة، هل سيفقد الدينار قيمته؟

في مقالة نشرت في الراي الكويتية اليوم تحت عنوان “رفع دعم البنزين و الكهرباءعن الوافدين و تقنينه عن المواطنين” ذكرت الصحيفة أن هناك مقترحات برفع الدعم عن المنتج الأساسي للدولة و هو مصدر الطاقة البنزين و عن المنتج المرتبط به و هو الكهرباء.

لمن لا يعلم يكلف الكيلو واط الساعي دولة الكويت مبلغ 38 فلس لكل كيلو واط و تبيعه الدولة بسعر مدعوم يقدر بـ 2 فلس أي 19 ضعف تكلفة إنتاجه.

و نتيجةً لعملي مهندساً أود القول أن الهدر في صرف الكهرباء و عدم مسؤولية الملاك و المستهلكين في توفير هذه النعمة أدى إلى زيادة الطلب بشكل كبير بحيث لم تعد محطات الدولة تتحمل كل هذا الحمل الزائد على محطات الإنتاج و التي لا تكفي أصلاً.

تسعى وزارة الكهرباء جاهدةً إلى الحد من هذا الإستهلاك الزائد بإصدار قوانين حفظ الطاقة و التي كان آخرها بعام 2010 على أن يصدر قانون حفظ الطاقة الجديد MEW R-6 غالباً في هذا الشهر أو شهر مايو من هذا العام 2014.

هذه القوانين تخفض قيمة الكهرباء المسموح إيصالها إلى المشاريع، و لكن كل هذا عبارة عن حلول نظرية تفتقر إلى المتابعة و المراقبة، و بالتالي يقوم الملاك عن قصد أو عن غير قصد بالرمي بعرض الحائط بهذه القوانين بعد إيصال التيار الكهربائي لمشاريعهم و هذا بإلغاء أو بعدم إستخدام أو تشغيل التقنيات الحديثة المطلوبة و التي تقوم بجعل عمل المباني و المشاريع أكثر حفاظاً على الطاقة، قد يكون هذا نتيجةً لعدم رغبة المالك بدفع مبالغ أكبر لشركات الصيانة و التشغيل أو نتيجةً لعدم دراية شركات الصيانة أصلاً لكيفية تشغيل التقنيات الحديثة.

إذاً الملخص مما سبق أن هناك مشاكل متعددة متعلقة بهدر الكهرباء و أهمها:
1- الهدر في الإستخدام
2- عدم المراقبة الدورية للمشاريع
3- عدم دراية شركات التشغيل و الصيانة بالتقنيات الحديثة

أبدأ بالمشكلة الثالثة و التي هي أصلاً موجودة بسبب ضعف الخبرات الموجودة في الكويت نتيجةً لضعف الرواتب مقارنةً بالإمارات و قطر و السعودية و ضعف الرواتب أصلاً سببه حجم المنافسة الكبيرة في بلد صغير عدد مشاريعها محدودة و بالتالي الإستغناء عن الخبرات بأنصاف أو أرباع الخبرات. و الحل الوحيد لهذه المشكلة هو بطرح مشاريع كبرى تشغل أكبر عدد من الشركات العاملة في السوق مع الإبتعاد عن المحسوبيات و زيادة الجودة في المواصفات و في عمليات الإشراف و مراقبة الفساد و العمل على الحد منه بشكل كبير و إعطاء المقاول حقه لأنه لن يخسر بل سينعكس تخفيض سعره على الخدمات التي يقدمها.

النتيجة المنطقية لحل هذه المشاكل هي برفع الدعم عن الكهرباء و الذي سيطال المواطنين يوماً ما و سيطال أيضاً المشاريع الإستثمارية كالمولات و الأسواق و المستشفيات. و بالتالي زيادة الإيجارات نظراً لأن الأغلبية العظمى من المشاريع في الكويت غير مجهزة بعدادات للكهرباء و للماء البارد المستخدم في التكييف.

نتيجة زيادة الإيجارات سترتفع أسعار الخدمات و ستمر الكويت بمرحلة من الضيق نتيجةً لضعف الرواتب مقارنةً بغلاء فاحش في المعيشة قد يصل إلى 100% أو حتى أكثر.

و لكن بعد حوالي السنتين إلى ثلاث سنوات وإن كان قرارالرفع عن الدعم مدروساً بشكل صحيح ستتحسن الحال، و لكن برأيي سيحصل العكس نظراً للواقع الحالي و سيؤدي هذا الرفع عن الدعم إذا كان غير مدروساً على نطاق دولة إلى القضاء على قيمة الدينار و تضخيمة و قلة قيمته و بالتالي سيؤدي رفع الدعم إلى مشكلات إقتصادية كبرى تفوق نفقتها قيمة الدعم المرفوع و سيؤدي إلى هروب اليد العاملة المؤهلة و إلى سبات إقتصادي في الكويت.

هناك حلول منطقية تؤدي إلى تخفيض الإستهلاك دون الحاجة إلى رفع الدعم عن المحروقات و عن الكهرباء و هذه الحلول بسيطة و لكن تأثيرها كبير و لكنها تتطلب بنية خالية من الفساد، هذه الحلول بالمراقة للمشاريع و مصاريفها و طريقة تشغيلها، و لا أقول هنا تشغيل المزيد من الموظفين و إحتمالية زيادة الفساد و الرشوى بل أقول بطرق أوتوماتيكية.

أما بالنسبة لخفض استهلاك المحروقات يمكن هذا بفض حدود على السعة القصوى للمحركات من ضمن المواصفات الكويتية لإستيراد السيارات.

الخلاصة:

رفع الدعم نتيجة طبيعية لمكافحة الهدر الحاصل في الطاقة و هذا لأن الملاك و المستأجرين سيعملون عندها على تحسين جودة مشاريعهم و تقليل استهلاكها للطاقة و تشغيلها بشكل مثالي يعمل على توفير هذه الطاقة و هو قادم لا محالة و إن تأخر.

إن لم يكن قرار الدعم مدروساً من كل الجوانب و على مستوى دولة و إن لم تكن له خطة متكاملة تعوض التضخم الحاصل سيؤدي ذلك إلى سبات في الإقتصاد الكويتي و بالتالي ستدفع الكويت ضريبة قيمتها أكبر من قيمة الدعم المدفوع.

هناك حلول أخرى غير رفع الدعم لتخفيض الإستهلاك مثل المراقبة الآلية للمشاريع و المنازل و تحسين المواصفات الكويتية لإستيراد السيارات.

الموضوع الإقتصادي و نقاشه يطول و يطول و أكتفي بهذا القدر حالياً.

Exit mobile version